القصة القصيرة جدا

احتراق

جلس على حافة الوادي، بصرُه شاردًا نحو زرقة السماء حيث تسبح غيمة بيضاء ببطء. تنهد عميقًا وقال هامسًا: لو أن شغفي قبسٌ من نوركِ، لأضرمتُ الوجود وهجًا، مُنبتًا من لهيبي براعمَ خلودٍ. ارتعش صوتُه بمرارةٍ ودهشةً، ثم رفع رأسَه وقال: أنتِ محطةٌ خاطفةٌ تتركين الوعدَ سرابًا بعدَ التجلي. خاطبتهُ بنبرةٍ اخترقت حُجبَ الزمانِ والمكانِ: الحبُّ شرارةٌ في عتمةِ العدم، لكنها تملكُ القدرةَ على نقشِ أثرٍ أبديٍّ لا يمحوه عبثُ الزمانِ. بقي صامتًا، ناظرًا إليها والأفقُ يبتلعُها. فجأةً، شعر ببرودةٍ تسري في عروقه، ونظر إلى يديه فرآهما تتحولان تدريجيًا إلى رمادٍ متطايرٍ في الهواء. ابتسم باهتًا وغمغم: إذن… لم تكن مجردَ ومضةٍ، بل احتراقٌ كاملٌ.

السابق
صدمة
التالي
مراوغة

اترك تعليقاً