القصة القصيرة جدا

انبعاث

في البدءِ الصاخبِ، دَوَّتِ الهتافاتُ كأمواجٍ تُحَطِّمُ أغلالَ الصمتِ. صعدَ الوطنُ إلى مذبحِ الحريةِ، شابًّا يتقدُ عزمًا، وفي عينيهِ لهيبُ التغييرِ، لكنَّ النصلَ الذي قُدِّمَ لهُ كانَ خائنًا، يَنْخُرُ جوهرهُ ببطءٍ.
لم تُرْوِ قطراتُ الدماءِ الثرى، بل أَسْمَدَتْ مستنقعَ النفاقِ الآسنِ، حيثُ تحولتِ الوحدةُ، التي كانت نشيدًا على الشفاهِ، إلى فجوةٍ مُطبقةٍ ابتلعت الآمالَ المغدورةَ، تاركةً الذكرى ضريحًا للوعودِ، وكلَّ صباحٍ يَهِلُّ بنعيٍ لشمسِ الأمسِ المنطفئةِ.
لكنْ في أعماقِ تلكَ الهوةِ، حيثُ يكادُ يَخْبُو كلُّ شيءٍ، تَوَهَّجَتْ نبضةٌ خافتةٌ، إصرارُ جنينٍ على البقاءِ، يُقاوِمُ وطأةَ الخداعِ، وينتظرُ وميضَ صفاءٍ يُعيدُ إلى لُبِّهِ المُضنى شيئًا من إشراقِ البداياتِ.

السابق
مصالح
التالي
دنيا

اترك تعليقاً