في أواخر المساء، لما تدير الأرض ظهور جبالها للشمس، وقبل أن يهبط الظلام كضباب أسود، تظل هناك بقايا ضوء، وقد خلفتها الشمس الغاربة وراءها كفلول مندحرة، لايمكن سحبها من أمام جزمات الليل الزاحف، حيث تمسي لقمة يكفي بلعها فقط، أمام مناقير العتمة الجارحة، المندفعة في شراهة عمياء، لإلتقاط الضوء العالق قطرة قطرة..مسكين هو الضوء، في أواخر المساء، لما تنسحب الشمس تاركة إياه، لمصيره المحتوم، على يد العتمة التي يمدها ليل قادم، ليتلمس طريق خطواته الاولى، على جثث ضوء نافق، بعد أن انحصرت عنه مياه من أشعة الشمس، عند جزر الغروب..كما هو مسكين الظلام، في بواكير الصباح، لما ينسحب الليل وراء ظهر الأرض، تاركا إياه لمصيره المحتوم، أمام خيوط الضوء الأولى، حيث يُربَط الى الظل ليدور معه طول النهار ويتقلص داخل حدوده، فالظلام مارد يحشره النهار في قمقم من ظل، الى أن يعود المساء، لينزع السدادة التي من ضوء، ويفلته!.
