القصة القصيرة جدا

توسد المرجان

1542 هل عثرتم عليه؟
لا يمكنكم إقامة الصلاة ما دمتم لم تعثروا على جثته.
يرد عليه ثانٍ: من مات غريقا كفنته الملائكة وصلت عليه.
ثالث: أقيموا صلاة الغائب فقد مات شهيدا..
وقالوا.. وقالوا..
كنت تتوسد المدى والنوارس تزف روحك إلى سماء غير السماء التي عرفنا، تعزف لها ألحاناً من غياهب المجهول.

تلقفك الحوت قال الشهيد
أمواجه تتدافع في هياج وأنت تتلقى دفعات الموج الهائج كزهرة ورد النيل فوق الماء بسيقان شفافة، لم تعد تملك القوة لمصارعتها، يد هذا الجبار تحن إلى مداعبة أعمق وأعمق، في قاعه يسكن الهدوء وتتعايش السكينة مع الظلمة.
هذا الأزرق الكالح يبطش بك، تجذف ضد الموج كنت ستحمل إليهم الكثير من الحلوى، تستعرض صورهم: الوالد، الأم، الإخوة واحدا واحدا، الموج يعاند ويكابر يبني من ضعف قطرة الماء شلال قوة هائلة تقبل اللوح الذي ضمك بعنف،

ملامحك فاغرة بلا معنى.
كم كنت تزودت لتعبر مسافة المرجان
كم كنت تهيأت لتبلغ المرجان
كم كنت تصورته وسادا سرمديا
كم كنت ذقت بوطء الأرض ليأخذك بدفء
لن تفضح أعماقه أعماقك

أنفاسك الطاهرة تلوث طهارته، دعها خارج الزمن، لاشيء يكدر أشياءه المرتبة في تناسق خلاق.
توسد هذا المحار، توسد هذا النبات، توسد هذا المرجان، لا يهمّ الكل الآن في بهجة الوحشة الأبدية سيان.

كل الأحلام تغرس هنا للإنبات، تتضمخ بها الكينونة زكية عطرة إذ تنتشي بانتشائها آمال وآلام الخلود.
قال الشهيد إنّك لما افترشت الزرقة الحالمة لم تك أنت وحدك، كانت روح الشهيد تلبسك منذ البدء، لذلك كان مبسمك طاهرا طهارة الملاك.
قال الشهيد إنَّ الشمس حينما كانت ترسم على ملامحك آخر لوحاتها بكت، تذوق الشهيد ملوحتها التي لم تكن تشبه ملوحة البحر.
طيور النورس البيضاء التي تتوشح المدى تحلق والفراشات والروح تتسربل رذاذ الموج في حركات حزينة متناسقة تودع في صفحة الماء هذا المساء الحزين.
كنت ستحضر لهم الكثير من الحلوى وأنت حلوى هذا المكان، يا روحاً سكنتها سكينة اللادراية، يمناك هذا الفراغ الرهيب ويسراك أرهب خلفك اللاعودة وأمامك أظلمت الدنيا ظلمة الرحم الأولى، صورة الوالد لا تفارقك، لم يعد يرمي بصنارته نحو البحر حين نسأله عنك يشير إلى السمك.

السابق
حينما تحال غرفتى زنبقة
التالي
مسافر

اترك تعليقاً