حوار

حوار مع الكاتب المغربي صالح هشام

حاوره: يحيى أوهيبة

الأستاذ صالح هشام من مواليد 5 يوليو 1959 بوادي زم، إقليم خريبكة، التحق بكلية الآداب والعلوم الإنسانية وتحصل على شهادة الإجازة في شعبة اللغة العربية وآدابها!، جامعة محمد الخامس بالرباط، بعد حصوله على شهادة البكالوريا في شعبة الآداب العصرية سنة 1980 التحق سنة 1985 بالتدريس، تخصص اللغة العربية وآدابها!، وفي سنة 2007 التحقت بالإدارة التربوية بالرباط، ولا زال يمارس مهامه بها إلى غاية كتابة هذه السطور!.
مغرم بالقراءة والكتابة منذ نعومة أظفاره، بدأ غمار الكتابة ابتداء من سنة 2014، في مجال الخاطرة والمقالة بمختلف مشاربها، وألوانها، لكن إنتاجه في القصة القصيرة في هذه الفترة كان غزيرا جدا!، كما كتب في مجال النقد في مجال والشعر، أملا في إنصاف الكثير من المبدعين الذين تضيع نصوصهم في أعمدة منتديات العالم الأزرق دون أن ينتبه لهم أحد !.
نشر في مختلف المنتديات الأدبية، والمجلات الإلكترونية والورقية في مختلف أنحاء الوطن العربي، من الشخصيات التي تعمل بعيدا عن الأضواء وكل همها الانتصار والارتقاء باللغة العربية والأدب العربي.

أعتقد أن كل تجديد في الأدب مرحب به لأننا واعون بأن لكل عصر رجاله، لكن هذا لا يعني أن نحيد عن المقومات و الشروط في كتابة الألوان الأدبية باسم التجديد.

أستاذ صالح على غير العادة نشرت على الفايس بوك نصوصا “لحظة”، أو بما هو شائع في التسمية نصوصا ومضة، ما الذي جعلك تميل إلى هذا اللون؟؟.
الومضة فن أدبي، ربما فرضته الملابسات الظرفية التي تميل إلى السرعة التي تكاد تكسر الرقبة، إذ قلت رغبة القارئ في قراءة النصوص الطويلة كالقصة القصيرة والرواية، إلا ما قل وندر، وبالتالي لا يمكن إقصاء هذا الجنس الأدبي، فكل جديد نرحب به ونعانقه بالأحضان شريطة احترامه لأصول الأدب واحتفائه بلغة الضاد، أنا لا أميل إلى هذا النوع الجديد القديم، وأقول القديم لأنه أشبه بالمثل الشعبي أو الفصيح من حيث التركيب وعمق الفكرة وتكثيف الجملة، من حين لآخر عندما يهاجم البياض سوادي، أستريح استراحة محارب، فأراود هذا البياض على نفسه فأكتب ومضة أو فكرة نقدية لرائد من الرواد، أما ممارسة الكتابة في هذا النوع من الأدب، فأنا طويل الهوى، لا تروقني إلا القصة القصيرة والرواية، رغم أني أكتب في جنس القصيرة جدا والومضة!.

لفت انتباهي نشرك لهذه النصوص من دون عنوان، وكتبت على ما أعتقد منتقدا كتابة هذا اللون مع العنوان؟؟.
العنوان هو المرسى الذي ينطلق منه المركب للإبحار في متاهات النص، لهذا أعتقد أن طريقة صياغة العنوان ليست بالأمر الهين كما يعتقد البعض، فالعنوان إما أنه يفتح النص على تعدد القراءات أو يغلقه من خلال فضح هذا العنوان لمضامين النص٠ من خلال قراءتي لكم كبير من الومضات لاحظت أن العناوين غير المختارة بدقة تقتل نشوة الكشف عن المعاني الثواني في نفس القارئ، وتدمر عامل الغرابة والإدهاش الذين بدونهما يبقى النص مجرد إخبار بلغة تواصل لا إنتاج إبداعي، فقلت في إحدى مقالاتي إذا كان العنوان فاضحا وكاشفا للمحتويات والمضامين في النص، فالأولى عدم توظيفه والاستغناء عنه، لأن العنوان المباشر الخالي من الانزياح، يدمر تلك المسافة الفاصلة بين النص والقارئ والتي تسمح له بحقه في التأويل والتفسير والتفكيك فالعنوان من محتوى النص، والنص ككل من محتوى العنوان، خصوصا وأننا في عصر العناوين، ( قراءة العناوين )!.

هل تعتقد أن هذا اللون سيكون اللون المساير لعصر السرعة، والمفضل للقارئ الإلكتروني؟؟.
رغم أننا نعيش في عصر السرعة، والكتابة الإلكترونية لا أعتقد أن هذا اللون سيغتصب من النصوص الطويلة عرشها، لأنها ذات تاريخ، ولا يمكنه بأي حال من الأحوال إشباع نهم القارئ للأدب الرائع من شعر وقصة ورواية، فهو جنس مرحب به وإن كان لازال يحبو ولم تتسع رقعة انتشاره بعد، ولكن ليس على حساب الأجناس الأدبية الأخرى التي لها تاريخ طويل، والدليل على ذلك أن الرواية لا زالت تكتسح عالم المبيعات الورقية، والزمن بطبيعة الحال هو الذي سيحكم لهذا النوع من الأدب بالاستمرارية والدوام، أو الخفوت والتلاشي، فالبقاء كما عودنا التاريخ للأصلح، ومن يدري ربما تستطيع الومضة عبور حدود الزمان والمكان، وتنحى منحى العالمية، وتغزو الذاكرة الإنسانية كما هو الشأن للشعر والقصة والرواية فنتائج التكهن لازالت بعيدة المنال!.

أي اجتهاد خارج نطاق القراءة والاطلاع والحفر في طبقات المعرفة الإنسانية هو ضرب من العبث.

هل تعتقد أن الكاتب الرقمي عليه أن يلتزم بما هو متعارف عليه أكاديميا من شروط في كتابة لون ما، خاصة وانه قد ظهر العديد من الكتّاب الذين يتميزون بكتابة خاصة وتبدو جديدة حتى نستطيع أن نقول أنه يتميز بلون معين خاص به، أيضا نحن على المجلة تمردنا قليلا بوضع أصول مخالفة في كتابة الومضة؟؟.
أعتقد أن كل تجديد في الأدب مرحب به لأننا واعون بأن لكل عصر رجاله، لكن هذا لا يعني أن نحيد عن المقومات و الشروط في كتابة الألوان الأدبية باسم التجديد، وإلا أصبحت حرية الكتابة فوضى عارمة تدمر ما بناه الأدباء والمفكرون منذ فجر التاريخ، إذ لا يمكن بين عشية وضحاها أن نقول أننا جددنا في هذا اللون أو ذاك فقد تكون الإرهاصات الأولى للتجديد قد بدأت لكن الاكتمال والنضج يتطلب زمنا طويلا وشتان ما بين المخاض والولادة، فالقصيدة الحديثة لم تأخذ مكانتها في مجال الشعر إلا بعض حروب نقدية طاحنة دامت عشرات السنين بين التأييد والمعارضة وهذا أمر طبعي، أنا شخصيا أعتبر هذه الحرية فوضى والفوضى لا يتمخض عنها إلا فوضى بإمكانها أن تدمر أصول الأدب، عوض أن تدفعه إلى التقدم، فليس من السهل أن نكتب كل شيء يخطر على البال فنقول إننا جددنا في الأدب، فالتجديد له تاريخه وله نقده وله صراعاته، وشروط الكتابة بمثابة حصانة وحماية من كل هذه التلاعبات التي أصبحت تعيث في أجناس الأدب فسادا باسم السرعة والتجديد وما شابه ذلك من مبررات واهية. فهذه فوضى أستاذي ، يجب أن تناقش!.

ألا ترى معي أنه قد حان الوقت للتأسيس لمدراس جديدة في الكتابة الأدبية العربية، قد تختلف في بعض النقاط، ولكن الكاتب هنا سيجد أكثر حرية في الكتابة، وفي النهاية النص الأدبي هو الفائز؟؟.
لا اعتقد أنه من السهولة بمكان التأسيس لمدارس جديدة في مجال النقد أو الإبداع في غياب الاغتراف من معين الثقافات الإنسانية بمختلف أنواعها وأجناسها إذ لا يمكن الحديث عن تأسيس مدارس أمام هذه الضحالة والفقر الفكري الذي أصبحنا نعيشه رغم توفر كل شروط اكتساب المعرفة العميقة، فكيف لنا بالتأسيس والقارئ أصبح يشكو من طول النص السردي ويطالب الكاتب بتلخيص ما يكتب والله هذا مخز وذلك كله تعللا بعامل السرعة، فهذا النوع لا يعول عليه مستقبلا لا في التجديد ولا في عملية الخلق. إذ لا يمكنه بأي شكل من الأشكال، تكوين ذلك المخزون الثقافي والمعرفي الذي يؤهله للاجتهاد وحتى لتأسيس مدارس جديدة، فإعلان القطيعة مع الماضي من الأمور المستحيلة، فالإبداع بصفة عامة ليس وحيا منزلا، وإنما هو خلط للألوان، من أجل خلق لاحق ليس له سابق، فأي اجتهاد خارج نطاق القراءة والاطلاع والحفر في طبقات المعرفة الإنسانية هو ضرب من العبث، إن لم نقل ضربا من الجنون. وكلنا نلاحظ، أننا نعيش أزمة قراء، و فراغ القراءة لا يولد إلا فراغ الإبداع!.

الآلاف من النصوص تنشر يوميا على الانترنت، فيما تعد المقالة والدراسة والقراءة النقدية على أصابع اليد؟؟.
ربما هذا الكم المنشور من النصوص لا يمكن أن يبشر بالخير، في غياب الجدية واختلال التوازن بين الممارسة النقدية والممارسة الإبداعية، فالنقد سواء كان قراءات نقدية باحثة عن متعة القراءة أو قراءات نقدية مكتوبة محسوبة للناقد أو عليه. و مقالات نقدية، كل هذا حفر على جسد هذه النصوص من أجل التقويم، والتهذيب، والتصدي أيضا لهذا الكم الهائل من المنشورات دون تنقيح، وأعود وأركز على القراءة، فالناقد، عاجز عن الاطلاع على المدارس النقدية لصقل مواهبه واكتساب الأدوات المعرفية والعلمية التي تؤهله لقراءة النصوص، والمبدع ( تجاوزا ) لا يهمه صقل موهبته الإبداعية، فيكتب كيفما اتفق، فكيف يمكن أن نستقبل خمسة نصوص للكاتب الواحد في اليوم، طبعا لن ننشر بهذه السرعة [قصائد الحوليات] وإنما سننشر الغث والتافه في غياب أية رقابة نقدية على النصوص وحتى إن وجدت هذه الرقابة فإنها توجد بشكل خجول أو لن تعدو أن تكون نقد مجاملات، وتوزيع روعات مجانية. فالفقر الذي يمس الإبداع سيمس النقد، لأن الأرض الصلبة للنحت غير متوفرة، ويمكن اعتبار هذا النقص الحاد في حقل النقد قراءة ومقالة تعود أساسا إلى أزمة القراءة التي نعيشها. فهذا الكم من الإبداعات بدون قراء. والقراءة النقدية مسؤولية قرائية، ترفع النص درجات أو تحطه في الحضيض، فإننا نبحث عن أسهل الطرق للنشر، فنكتب نصوصا لا أصل ولا فصل لها، لا هي بالخاطرة ولا هي بالقصة ولا هي بالقصيدة النثرية، فيختلط الحابل بالنابل، لأننا لا نلتفت إلى زمن شعراء الحوليات ونكتب لكن السؤال هو ماذا نكتب ولمن نكتب!.

في سياق الحديث، من بين العدد القليل من القراءات النقدية المنشورة، عدد لا بأس منها لا يرقى إلى مصطلح قراءة نقدية، فبعضها لا يعدو مجرد تعليق أو رأي في النص؟؟
النقد قراءة ،كسائر القراءات، تخضع لعوامل الذاتية والذوق والذائقة التي تستسيغ هذا وتستهجن ذاك، تستحسن هذا وتستقبح ذاك، لكنها قراءة مكتوبة، تحسب للناقد أو تحسب عليه، تفيد النص أو تدمره، وما دامت كذلك، فالناقد مفروض فيه الإطلاع على المدارس النقدية وتوسيع معارفه في مختلف العلوم لأن النقد يتعالق مع جميع العلوم الإنسانية فالناقد طبيب نفس وعالم بيولوجيا وعالم أركيولوجيا وعالم تاريخ وقس على ذلك بالنسبة لباقي العلوم، و ضرورة تسلحه بالأدوات العلمية الدقيقة التي تمكنه من التحليل الدقيق الذي لا يضر النص، وتفكيك شفراته، خصوصا وأن هناك نصوصا متميزة تمتص من طبقات الفكر الإنساني، فالناقد الذي لا يعرف في الأسطورة والآداب القديمة والحديثة شيئا لا يمكنه قراءة نصوص سياقاتها إما نصوص غائبة أو رمز بالأسطورة، أو غيرها، [ ففاقد الشيء لا يعطيه ]، وفي غياب المعرفة والاطلاع، وأمام ضحالة المخزون المعرفي، يلجأ الناقد إلى قراءات يسجل من خلالها انطباعاته الشخصية الخاصة، أو تدوين ملاحظات لا ترقى إلى مستوى القراءة النقدية!.

المبدع يبحث عن القارئ دون وسيط، أي الناقد، وهذا ربما يكون من أسباب عزوف الكتاب على ممارسة النقد خصوصا في عصرنا هذا الذي أصبح فيه النفاق الأدبي يضرب في العمق.

حسب رأيك ما سبب نقص القراءات النقدية والمقالات النقدية وكذا الدراسات يبدو أن الجميع يفضل السرد؟؟.
في نظري المتواضع، إن السرد ليس بالمجال الهين والسهل والذي يمكن أن نلجه من كل أبوابه، لأن قبل الصقل يعتمد على أساسا على الموهبة، فليس كل ما ينشر يخضع لمعايير ومقومات هذا الجنس الأدبي القصي العصي المتمنع في غياب الموهبة، والنقد كذلك لا يقل عنه أهمية عن السرد فهو لغة على لغة أو خطاب على خطاب أو إبداع على إبداع، لكن للناس في ما يعشقون مذاهب ربما النقد يعرض الناقد للكثير من المضايقات في غياب الوعي بأهميته وضرورة الاحتفاء به كممارسة لا محيد عنها في مجال الإبداع الأدبي، وهذه مسألة قديمة جدا، ذلك الجفاء بين الناقد، والمبدع، فالمبدع يبحث عن القارئ دون وسيط، أي الناقد، وهذا ربما يكون من أسباب عزوف الكتاب على ممارسة النقد خصوصا في عصرنا هذا الذي أصبح فيه النفاق الأدبي يضرب في العمق، ربما هذا يجعل الناقد يحجم عن قراءة النصوص اجتنابا لما ستسببه له من صداع الرأس، فيبحث عن أبسط الوسائل للنشر والانتشار بين القراء، ولكن لا أعتقد أن كل ما ينشر تتوفر فيه شروط النشر سواء كان نقدا أو إبداعا!.

حدثنا قليلا عن تجربتك مع عالم القصة والنقد.
بدأت كتابة القصة القصيرة، منذ 1990 لكن ضاع كل شيء في غياب التشجيع الذي لم يكن متوفرا، مثلما هو متوفر اليوم وبهذا الكم، وأقصد (النشر )٠٠ فتركت الكتابة، ولم أعد إليها إلا في بداية 2014 إلا أني لم أنقطع عن القراءة، وكانت البداية مع الناقد محسن الطوخي الذي يعود إليه الفضل في اكتشاف موهبتي في السرد، والذي شجعني وقوم جملي السردية وأخرجني من دائرة الابتذال والترهل إلى عالم جملة السرد الشعرية وقد وجد ني التلميذ الذكي الذي يحسن الإصغاء، وكان البركان يبحث عن ثقوب الخلاص، وفعلا اجتاحت حممه المدى وكان الإنتاج غزيرا في السرد، وقد تجاوزت ثلاث مجموعات قصصية من الحجم الكبير لم تنشر بعد، وأغلب قصصي القصيرة نشرت على صفحات أهم المنتديات والمجلات الالكترونية والورقية عبر مختلف أنحاء الوطن العربي وهذا يشرفني ويزيدني إلحاحا على الإبداع السردي، إما النقد، فهو اجتهاد وقراءة واقتداء بالنقاد كانوا عربا أو غربا، كانت أولى محاولاتي النقدية في القصة، مع كتاب كبار أمثال [ عبد الكريم الساعدي وعلي الحديثي ومهدية أماني وعادل المعموري، وغيرهم كثير، وفي مجال الشعر، كانت قصيدة (دموع عبلة) للشاعر المصطفى الجزار ، التي لم تنصف في ملتقى أبي ظبي حافزا لي في نقد الشعر، والحمد لله رغم قصر مدة الممارسة النقدية، قرأت للكثير من المبدعين العرب سواء في مجال الشعر أو القصة من مختلف أقطار الوطن العربي، وكان اهتمامي أكبر بالمقالة النقدية لأني أرى أنها تطعيم لكل مبدع، أكان في طور دخول المغامرة أو كان من القدماء وأشكر الله أن قراءاتي النقدية ومقالاتي وقصصي لقيت ترحيبا واسعا في جميع أنحاء الوطن العربي!.

من خلال تجربتك مع النشر، هل يمكن أن تمدنا بمقارنة بين النشر الورقي والرقمي؟؟.
بالنسبة للنشر الورقي لا زلت لم أنشر، في النقد أو القصة رغم توفر المادة و بغزارة، وهي جاهزة للنشر، لكن غالبا ما نصطدم بغياب الدعم المادي والمعنوي من الجهات المسئولة عن حقل الثقافة، أما النشر الرقمي والورقي سواء على صفحات المجلات والجرائد، فهو الذي يمدنا بالنفس للاستمرار في الكتابة، والحقيقة أن النشر لا يعني لي شيئا مادام لي قراء يحترمون كتاباتي، النقدية والسردية وأذكر هنا الشاعر المميز[هشام الجخ]، في لقاء من لقاءاته في برنامج على إحدى الفضائيات، طرحت عليه المنشطة سؤالا مفاده، لماذا لا تنشر دواوينك؟ فأجابها: أنا أفضل أن أذهب إلى القارئ مباشرة؟ وهذا الجواب الذكي، يعني أن عدم النشر الورقي لا يحد من إبداع الكاتب، أو يقلص من شريحة قرائه!.

المغرب الشقيق معروف عربيا في مجال النشر القصصي، غير أن هذا لا يلمس على الشبكة العنكبوتية، هل ملاحظتي في محلها؟؟.
فعلا ما أشرت إليه أستاذي، فالساحة المغربية، تعج بالمبدعين، في مجال القصة القصيرة والرواية والقصيرة جدا، لكن النشر الرقمي يكاد ينعدم، ويركز على النشر الورقي وأعتقد أن التركيز على النشر الورقي، قد لا يحظى بالانتشار بين القراء، خصوصا وأننا نعرف أن الكتاب، أصبح يعاني من مشاكل الانتشار، أمام هذه السيطرة التي فرضتها الشبكة العنكبوتية والمواقع الاجتماعية، وفي بعض الأحيان تجد أن كبار الكتاب ليست لهم صفحات شخصية على الفيس بوك أو التويتر، وهذا سؤال في حقيقة الأمر، المسؤول عن الإجابة عنه هم هؤلاء المبدعين الذين يشار إليهم بالبنان، أما في مجال النقد، فاعتقد العكس، لأننا نجد كتبا ودراسات مهمة وجيدة منشورة رقميا !.

نشرنا لك على المجلة 114 نصا، تتنوع بين المقالة والقراءة النقدية والقصة القصيرة وأخيرا القصة اللحظة، كيف تقيم تجربتك مع المجلة، وهل تعتقد أن هكذا مجلات أدبية رقمية ستساهم في أرشفة المحتوى العربي من النصوص الأدبية؟؟.
والله هذا خبر سار، ومفاجأة رائعة، لأني أنشر دون أن أعرف كم نشرت، هذا رغم أني لا أنشر على صفحة قصيرة إلا ما يتعلق بالمجال السردي، أما الخواطر والقراءات النقدية في مجال الشعر، والمقالات في مجال التراث الغنائي والنبش في الذاكرة فكثيرة جدا ولا يمكن أن أحصيها وهذا دليل على غزارة الإنتاج والحمد لله ٠٠٠٠٠٠وعودة إلى المجلة، صراحة أرى أنها من المجلات التي تحترم نفسها وتحترم النشر، وتحترم القراء لأنها غالبا ما تستقبل نصوص طينة خاصة من الكتاب والمبدعين المشهود لهم في مجال النقد والسرد، وأنها تعمل بذكاء الساهرين عليها على الاهتمام بالأرشفة، وهذا ما يجعلها تحظى بالاحترام والتقدير بين جميع المبدعين، وتساهم بمجهودات لا شك فيها في أرشفة إبداعات تستحق ذلك على مستوى الوطن العربي، واعتقد لو تجاوزت كل المجلات الرقمية العشوائية في النشر وطرق الأرشفة، لارتقى الأرشيف الإبداعي العربي إلى الأحسن والأجود، كما هو الشأن لمجلة قصيرة!.

لا إبداع في غياب تطعيم المخزون الثقافي بالمعارف الإنسانية.

كلمة أخيرة أستاذ صالح، أخبرنا عن ما يجول في خاطرك، كلام ربما تود أن تقوله وتسمعه لمعشر الأدباء والكتاب العرب.
ما أود إن أقوله للكتاب العرب، هو ضرورة الاهتمام بالاغتراف من معين تراثنا الأدبي فهو غني حتى التخمة، إذا أردنا أن نكون كالرسام الذي يتقن خلط الألوان ليخرج بلونه الخاص، فلا إبداع في غياب تطعيم المخزون الثقافي بالمعارف الإنسانية، وأقول للنقاد والمبدعين. علينا أن نكون جديين في التعامل مع قراءة النصوص أو إبداعها، فلا داعي لاستحسان النص الذي لا يستحق الاستحسان بدعوى التشجيع، كلنا مع التشجيع لكننا لسنا مع الغث والتافه الذي يديل بمئات الإعجابات، والروعات، وكل أشكال المدح والإطراء والنصوص، تمارس عليها الحروف العربية الشغب، فربما الصرامة والجدية في قراءة النصوص ستكون حافزا لارتقاء المبدع بإنتاجاته الأدبية في جميع الأجناس، وأركز على معضلة نعاني منها في مجال النشر، تتجلى في عدم الاهتمام بالتنقيح وتطعيم الإبداعات بالقراءة الجادة للكبار في المجال الذي يعنينا !.
وأخيرا أشكر الأستاذ الرائع يحيى أوهيبة، هذا الجندي المجهول الذي يكد ويجد، لرفع راية الأدب، وأحييه على هذه الأسئلة الجريئة التي يضع من خلالها الأصبع على موضع الألم من الإبداع والثقافة العربية في العصر الراهن !.

السابق
إدراك
التالي
دروشة

اترك تعليقاً