الخاطرة القصيرة

سفر في عمق الذات

وفي غمرة بعثرتي…أجدني…والرياح تتقاذفني…والصوت الهادر يرن في أذني… أن ارجعي…ترجلي…فالحياة فرس جامح…وصعب عليك أن تروضي…
وتلك الأخرى…التي تعشش بين جوانحي…تدفعني…تغوي أعماقي بالمغامرة…تخبرني…ان لا تستسلمي….
وفي داخلي…متمردة صلبة…يمتزج في ذهنها…فكر…من رحم الكثبان والرمال…من زبد الموج العنيد…يخبرني…أن العجز والجبن…هو بداية العقم…بداية الموت المزمن…بداية الحزن الأخرس…
تحثني كل لحظة…على النزف والتوحد معها…على التملص من شرنقة الصمت…ونسج فصول رواية…بقلم الذات…بحبر دمائي المتوثبة…
وكلما تماهيت معها…تنفتح أجزاء مظلمة في عقلي وقلبي…ويسري في ممراتي المنكسرة…ضوء يغمر شغاف النفس…يتسلل إلى نياط القلب…كنور العدل والسلام…يكشف لي الدروب المقفرة…فينبت الزرع والريحان….وتتوشح الثنايا…فيصبح كل العمر ربيع…
وتشرب نفسي الظمأى ولا ترتوي…تمتص نخاع الحياة وتكرع حد الثمالة…تذيب بدفئها جليد الجفاء…تسافر عبر صخب اللجة المزبدة…إلى ما لانهاية…تاركة خلفها…خيبة بائسة…ومذاقا متأخرا من المرارة..
وتتجرد نفسي من وهمها…وتفرغ فائض احتمالاتها في بالوعة الأيام
لتستقر…كما النجم في السماء…في أوج العنفوان والزهو…يكسوها الحنين المبتور…والإدراك الأخير… أنها قضت العمر عبثا…في نسيج دائري…يستدرجها إلى العمق…في موت شبقي ذليل…
وهاهي النفس…تنسلخ من خرم الذاكرة…لتقطع تذكرة…إلى عالم لا تدركه حتمية النهاية…ولا تعتريه وحشة الغياب… إلى مدار الحدود واللامحدود….فيعود طيري إلى أفنانه…وتسترد ذاتي أوراق انتمائها… وتتلاشى…سلطة الزمان والمكان…وتتوارى…خلف قضبان النسيان..
ويرسو مركبي…على مرافىء العطر والنبض…وأسلم حينها الرخصة لحواسي…وأتركها…في غيبوبة النشوة…تحت رذاذ الأمل الماطر…يأخذها… إلى بيادر زهرية…كأحلام وردية…كنسمة صيف شذية…تستوطن الأمان….بعد أن أضناها الترحال.

السابق
بناء على رأيهما
التالي
الأنذال

اترك تعليقاً