القصة القصيرة جدا

وطن بتذكرة قطار

أستيقظ خالد صباحا كعادته صلى ركعتي الفجر وقرأ شيئا من القرآن،وحمل نفسه لمحطة القطار حتى يحضر لمقابلة عمل بالرباط، وهو في كامل أناقته،كان يرتدي قميصا أزرق بأزار مغلقة حتى أعلى الصدر ورباطة سوداء،وسروال محترم وما أصعب أن تحصل على سروال محترم في زمن خالد،يضع على معصم يده اليمنى ساعة في مخالفة منه لوضع الساعات يسارا وتأثره ببعض الشيوخ،كان طوال الطريق نحو المحطة يتعوذ من ألبسة البعض الفاضحة ويتمتم في قرارة نفسه سخطا عن حال البعض،قبل أن يدخل خالد باب المحطة مر على متسول كان رجلا يبدو في عقده السبعين استوقفه راجيا بعض المساعدة من بعد أن فقد محفظته،ردد خالد كم كثرتم واستكثرتم حتى غدا التسول حرفة،أدار ظهره للرجل ومضى من دون أن يعلم ما إن كان الرجل صادقا بل لم يلتمس له عذرا حتى أو اعتذر له بلباقة عن عدم المساعدة،كان قد خلف جرجا بليغا بصدر ذلك الشيخ،اقترب للمحطة أذن القطار بالدخول،جلس خالد وأخذ من محفظته كتاب حول مفهوم الدمقرطة قرأ منه عدة صفحات اقترب مراقب التذاكر من خالد التفت لسماع صوت يناديه من الخلف، تسلل خالد إلى المقطورة المجاورة من بعد أن فضل عدم أداء ثمن التذكرة وهو يتحسس النقود بجيبه…
عاد خالد لمقعده بعد ذهاب المراقب وهو ما يعلم أنه باع هذا الوطن بتذكرة،وأن صلاته ولا علمه ولاتحضره منعه من هذا الجرم،باع خالد هذا الوطن وسيبيعه حينما يدخل لإجراء مقابلة العمل متى سنحت له الفرصة، وسيخرج بعدها يرتب ربطة عنقه ويلعن سلوك الناس من حوله…،كانت مصيبتنا ورزيتنا في هذا الوطن ستكون أقل ألما لو كان هناك خالد واحد وفقط،لكن ترى رحم هذا الوطن كم من خالد يحمل…

السابق
متأخر
التالي
ترفع

اترك تعليقاً