القصة القصيرة جدا

شظايا مرآة

عَجِنتُهُ من طِينِ السنينِ، وصَببتُ في قَالبهِ كلَّ ما أوتيتُ من شغفٍ. كَانَ وجهًا لا يُملُّ منهُ، وعينانِ عميقتانِ كبئرِ أسرارٍ. في كلِّ مساءٍ، كنتُ أُوقدُ شمعةً لأراهُ، فيضيءُ عتمةَ غرفتي، ويملأُها بالرّوائحِ التي لا أعرفُ مصدرَها.
تَسلّلتُ ذاتَ فجرٍ إلى حديقةِ الجنونِ، وقطفتُ لهُ وردةً من شجيرةِ الصبرِ، فكانتْ عطيةَ عُمري، وكنتُ أنتظرُ أنْ أهديهِ إياها، لكنّ يدًا من غبارٍ سبقتني، وعانقتْه. حينها، سقطتْ الوردةُ من يدي، وتحولَ الوردُ إلى شظايا زجاجٍ.
أمسكتُ وجهيَ بأصابعيَ المرتعشةِ، فرأيتُه ينهارُ أمامي كبناءٍ من الرملِ. لم أجدْ أمامي سوى انعكاسي المشوّه.

السابق
كارثة
التالي
مشهد غيمة

اترك تعليقاً