القصة القصيرة جدا

اعتذار

اعترف بأنني كنت قصير النظر وأخطأت كثيرا في حق هذا الزميل، كان عليَّ أن أدرك أنني أزاحم حلمه الأثير،وأقف عقبة أمام طموحه الأسمى ، عندما انفردت بنفسي القلقلة عاتبتها طويلا وطالبتها باعتذار رسمي على الملأ لهذا الزميل ليمارس حلمه الأثير دون أن يزاحمه أمثالي .
وكأنها شعرت بوخزة الخجل فطأطأت رأسها آسفة، ووعدتني وهي تفرش ابتسامتها على الكون وهمست : لم اقصد وإن كان الاعتذار يحقق مأرب الزميل لا مانع لدي .. فطريقنا مختلف ولكن أحببت أن أوضح له الحقيقة وأعرض رؤيتي ، فما يفعله الزميل يضيق الخناق على كثيرين حوله، وسيطرته على المقعد منذ سنوات جعل العمل رتيبا، وخصوصا أنه يفرض سطوته وحضوره على كل شيء ، ولا يسمح لأحد بالتدخل في شئون العمل حوله، والجميع يعرف كيف صعد على هذا الكرسي .
بادلتها نفس الابتسامة وهمست : يا أيتها الجميلة ، مالنا نحن وما يدور إن كل من حوله لا يتحدثون وخانعون ويتركونه يفعل ما يحلو له ، ويحركهم كقطع شطرنج على طاولة صماء.
أضافت : صدقت.
في الصباح وأمام كل الحضور قدمت اعتذارا مطولا للجالس على المقعد الذي تآكل تحته ،وأنا أحاول أن أواري بسمتي الساخرة وهو ينظر لي نظرة المنتصر، ويجوب بعيني الذئب على الجلوس حوله وكأنه يصرخ : هاهو يعتذر عن فعله المشين وتحديه السافر .. ها هو يعود لرشده .
انفض المجلس وتركته على كرسيه المتآكل .. وذهبت لمكتبتي أمارس عملي في نشاط وهمة ، أراجع كتابي الثامن عشر الذي سيصدر في معرض الكتاب القادم.

السابق
قواعد
التالي
مقاصد

اترك تعليقاً