القصة القصيرة

الأفعى

أقبل باكرا يشد على ذراع القلق،يرمي ببصره ذات اليمين وذات الشمال علّه يعثر على جرعة مسكنة من علبة الأسبرين التي أدمنها ،تركها على مكتبه يوم أمس،تخمد وحدها تأجج مواجعه مع علبة سجائر كاملة.عشرون عاما وهو يسحب صنارة توقعه يمني نفسه بصلاح حالها دون جدوى،حرّك عمران جمر الذكرى،قد تشفع لها بعض الفترات السالفة حتى أولاده الثلاثة لم يعد فيهم من يفتح ذراعيه ليخفف عنه وطأة متاعبه،وشوقه للارتواء من حضن طفولتهم ،استحوذت نورة على مشاعرهم أخضعتهم لأنانيتها المادية،رنّ هاتفه كما توقع حملت له تلك المكالمة بشرى طالما اعتبرها قارب نجاة لعواصف هوجاء حاصرت ما تبقى من بقعة أمل بحياته،هنأه زملاؤه على الترقية انتقل في غضون أيام إلى المدينة التي درس بها أثناء مرحلته الجامعية ليكون الأمين العام لإحدى دوائرها .أذعن لشوارد فكره وحزم أمتعته ،أطلعها على ما استجد بحياته العملية ،غيمت سحب الدهشة على سماء وجهها وخط الخبث ابتسامته على شفتيها صوتها الخافت يصله : كيف نتدبر الأمر دونك؟
رمقها بنظرة ،وقد استعار من الصخر برودته : لن يصعب عليك الأمر،استعاد في غضون أشهر بريق الفرح الذي خدشت ملامحه زوجته نورة ،صوت زميلته في العمل مروة وجلبها لما طاب ولذ من مأكولات ،مرح بعض أصدقائه القدماء وسهرهم معه في سكنه الوظيفي رمم في نفسه الشروخ الغائرة .بقت نورة تلهث تشتعل نار القلق بداخلها ،كسر جبروت تسلطها.
تهاتفه بين الحين والأخر والشكوك تفتك بها لتشتكي من رسوب الأبناء ….
السابق
أشباه
التالي
قهر

اترك تعليقاً