مقالات

التخطيط لكتابة رواية ناجحة

عندما تنوي كتابة رواية بشكل احترافي، لابد أولا أن تتأكد من موضوعها أنه يصلح لهذا الجنس من الأدب، لأن كل جنس أدبي ينادي موضوعه الذي يليق به، فهناك موضوع لا يتعدى الخاطرة العابرة، وموضوع يصلح للومضة، وموضوع يصلح للقصة القصيرة جدا، وموضوع يصلح للقصة القصيرة، وهكذا..
فموضوع الرواية هو أقرب لنقل جياة شبه كاملة، وأحداث ومواقف أشخاص وأماكن وتاريخ، والموضوع لابد وأن يتناسب مع هذا..
ثم يأتي أختيار الهدف، الهدف من هذا الموضوع، لابد أن يكون الكاتب مؤمنا به قبل أن يلبسه موضوع يناسبه، والهدف يخص المتلقي بشكل عام، مفيدا له في حياته، أشياء عديدة عليه أن يخرح بها من خلال موضوع الرواية وما تهدف إليه، وإن خرج موضوع الرواية وهدفهاعلى أنها أحداث غير مترابطة وتصوير لأشخاص وهم يمارسون حياتهم بلا هدف يستشفه المتلقي، واستعراض ثقافي معلوماتي أو بلاغي، أصبحت هراء عدبم النفغ ومضيغة للوقت..
ثم تأتي مراحل التأليف، والتأليف بالفعل مراحل، مرحلة تخطيط، ومرحلة تنفيذ..
مرحلة التخطيط: وهي مرحلة غاية في الأهمية، إذ أنها تحتاج من الكاتب أن يكون ملما بموضوعه إلماما جيدأ، ويعد نفسه إعدادا كبيرأ للتخطيط بشكل يتناسب الموضوع فيه مع الهدف المرجو، ويتحدد الهدف وفق عناصر مدرجة في نوت خاصة، مقسمة إلى عناصر تنتشر كما ينتشر نور الصبح رويدا رويدا ليخفي ليلا حالكا، ويناسب الهدف كالجدول الرقراق بمائه الفضي منحدرا من مسالك ومنحدرات الموضوع الذي يصبغه ويتلاشى ويغطيه ببروزه في ثناياه، والموضوع هو العمل والفعل اللذان يبرزان الهدف..
تقسيم الهدف إلى أجزاء تتحد مع كل انتهى بانتهاء الموضوع، وعلى الكاتب أن يختار بيئة موضوعه ويحددها بما يليق مع شخوص العمل التي يختارها المؤلف بعناية واقتدار وفق الهدف الذي يتحرك الموضوع في أثره، وهنا عليه أن يبرز الزمان والمكان والشخصيات التي تتحرك وتفعل فعلها المحسوب مراعيا لبعدهما، ويحتاج لدراسة واعية لهذه الشخصيات المخلوقة من مخيلته خلقا أشبه بالحقيقة لجذب المتلقي ليرى البعض نفسه فيها، وكأنها تحاكيه أو تحكي عنه ـ فلا يصح مثلا أن يكون البطل جراح مشهور والكاتب لا يعرف يفرق بين البنسلين والأسبرين ـ أو البطلة راقصة ولا يجيد قاموسها اللفظي ولا المعرفي.. هذه أشياء قاتلة للإبداع في مهده، ولا تجعل المتلقي مقتنعا بأن المؤلف الذي يحدثه يسحره ويجذبه ويعطيه معلومة مفيدة أوأنه سيخرج من هذه الرواية بشيء لأنها لا تقارب الواقع ولا تمثله..
ثم يقوم الكاتب بتأليف الحكاية، ويجعل لها مواقف وأحداث تتطور وفق الهدف المرجو، وبإمكانه تسجيل بعض المواقف والحوارات المهمة التي تساعده على سرد جيد يخلق لها الحياة التي يشعر بصدقها المتلقي، وأيضا يرى أشخاصه وهي تمارس الحياة وفقا لموضوع روايته، أو بالأدوار التي وزعها عليهم ـ اختبار الشخصيات ـ حتى يهبط عليه وحي الإبداع، وينسلخ في مووضوع روايته انسلاخا كليا..
ثم يبدأ بتقسيم الرواية من خلال عناصر الهدف المقسّم إلى أجزاء، ويتناول كل جزء من الهدف على أنه فصل من الرواية ـ أي أنه يقسّم فصول روايته وفق لعناصر الهدف..
ثم تأتي مرحلة التنفيذ بتقسيم كل فصل في الرواية، أن يبدأ من نقطة معينة وينتهي إلى نقطة مهمة تجذب القاريء حتى يشعر أنه كان يجب أن ينتهي هنا، أو هذا الفصل كان يوضح شيئا ما على وجه التحديد، أو يكشف عن شيء ما، أو يعلن عن بداية صراع أو مشكلة.. ثم يقسم الفصل إلى مواقف وأحداث، وهكذا يفعل مع كل فصل من خلال توزيع عناصر وأجزاء الهدف..
ثم يبدأ في كتابة فصل فصل..
وأنا أرجح في مرحلة التخطيط أن يعمل قاموس خاص للرواية يدون فيه المعلومات الضرورية التي بحث واكتسبها من الحياة، وبيئة الرواية التي قام بدراستها، ومهن الشخصيات، وطبيعتهم وسلوكهم، وأيضا تدوين معلوماته الثقافية وخبراته التي تحتاجها الرواية يلمها إلماما جيدا، ويقرأ قراءة مستفيضة عن هذه المعلومات..

السابق
شوق
التالي
العاشق والمعشوق

اترك تعليقاً