القصة القصيرة

الطريق

يسير في الطريق الذي تعرفه قدماه جيدا، نهايته على اليمين مقابر الحي، لقد رأى أباه في أحلامه أكثر من مرة، فعزم في ذلك اليوم على زيارة مقبرته وقراءة الفاتحة له.
اقترب من الناصية الثانية من الشارع على يساره جالس رجل يدخن غليونه ويرمق النساء والفتيات اللاتي يمرن أمامه.
نظر إليه قائلا لنفسه في عجب: هذا الأصلع قبيح الهيئة يختلي بالنساء الساقطات في دكان البقالة الحقير وكل سكان الحي يعلم حقيقته المذلة، ومع ذلك جعلوه إماما لهم.
وعلى مسافة ليست ببعيدة عن الدكان من اليسار، منزل معروف للداني والقاصي، طلت من بلكونة الدور الثاني امرأة بيضاء متماسكة القوام على وجهها كثير من الحسن والدلال،
عندما لمحها توجع قائلا في مرارة نفسه: وهذه المرأة اللعوب التي فشلت في الوصول إليها، ظهرت أخيرا بعد غياب، تلك الباغية صديقة كل نساء الحي، تجدها في الأفراح والمأتم وكمان في المصائب، من حقها أن يكون لها كلمة بين الرجال أليست عشيقة البلطجي الشهير، حتى قبل مقتل زوجها الطيب في يوم مشؤوم.
وقبل نهاية الطريق رأى رجل نحيل وقصير يمر من على يساره، كان صديقه في المدرسة قبل أن تجبرهما الظروف الطاحنة، على تركها في يوم واحد، قال سخرا من نفسه: حتى لص المقابر ظهرت عليه النعمة وأنت يا مولاي كما خلقتني. بلا مال بلا نساء، ولكني محتفظ بشئ من الكرامة. وسط هؤلاء الأوغاد.
قادته قدماه للمقبرة. وقف أمامها قرأ الفاتحة، اقترب منها واحتواها بين ذراعيه وفي عواء الذئاب.
مش كنت سبتني بلطجي يابا

السابق
قراءة في نص “لغة”
التالي
الأرنب متعدد المواهب

اترك تعليقاً