القصة القصيرة

القرون

..غير معقول، غير معقول.! ظننتُ اني استأصلتُ هذه اللعنة التي حلت بقطيعي كالوباء، لكن هيهات هيهات.!.
إذ بعد انتظار طويل على مدى نصف عام تقريبا، هاهي النعجات قد بدأت تضع خرافا بقرون من جديد، رغم اني أَبَدْتُ من قطيعي كل من له قرن، او يمكن ان ينبت له قرن، بدون رحمة.. وكيف الرحمة وانا المحتاج إليها قبل غيري مع تهاطل الخسائر، وغيرتُ سلالة الاكباش.! ذهب كل الجهد سدى..لم ينفع استبدال الرعاة بآخرين اكثر ثقة ولازرع كاميرات خفية على رؤوس الكلاب تراقب الكل: القطيع وكل من يقترب منه والرعاة والكلاب بعضهم البعض. لم ينفع التحقيق مع الرعاة ،ووضع البعض منهم تحت الحراسة النظرية بشبهة التواطء مع الخصوم لتهجين القطيع بتلك السلالة ذات القرون التي بادرتُ عليها بحرب استباقية لم تُجْدٍ سبْقا. لم ينفع الزج بافراد منهم في السجن من باب إرهاب الرعاة القادمين.! كله ذهب هباءا..وهاهي النعجات قد بدأت تضع ما عمِلتُ على إجهاضه، كأن اكباشا من الجن لقحتْ ارحامها ببذرة تلك السلالة اللعينة.؟ اكرهها..اكره حتى المعز، اكره قرونه حتى وإن كانت من عجين امام انياب الذئاب. لهذا فضلتُ عليه الغنم. فأي قرن، ولو نبت على رأس دجاجة، هو مشروع نطحة.! امقتها، ابغضها..لكن، هاهي تنبت على رؤوس القطيع، حادة، تنغرز في بؤبؤ العين، ولن يعود بامكاني حين يروق خاطري وتصفو نفسي ان امسح على رأس نعجاتي كما افعل احيانا.! وهاهو رسول الرعاة يدس اخباره همسا في اذن الحاجب على باب الخيمة..لابد ان النعجات كلها وضعت خرافا بقرون، وإلا لِم امتقع لون الحاجب وبدا رأسه كقنفذ تمتد منه قرون عوض الشوك.؟ بل اكثر من ذلك، هاهو يخبرني انه حتى النعجات التي لم يكن لها قرون صارت تستنبتها، وان الرعاة فروا والكلاب تشتتوا.!! اصرخ..تتطاير الاوامر من فمي في كل الاتجاهات كرذاذ البصاق. اقسم بكل الاغلال والسجون. أدق كل الطبول واعلن الحرب لاستئصال القرون حيثما واينما وجدت حتى ولو على رأس وحيد القرن.! لكن، هيهات، هيهات..هاهي القرون تبقر بصري اينما وليتُ وجهي.! قرون، قرون،قرون..حتى على رؤوس الرعاة والخدم والحراس والكلاب ستنمو قرون..لاشيء ينمو غير القرون.!! تبا، هاهي الشمس ايضا رأس مشتعل يمتد منه قرن ضخم من ضوء..هاانا اعمى لايستطيع حتى ان يمد يده تلمسا، فلاعكاز ثمة، مجرد قرون ناتئة، حادة، تتحرق في انتظار ان يسقط عليها جسم لتبقره.!! وهاهو الثور العظيم ، وقد تعب من حمل الارض الثقيلة على قرنه الجبار، يلقي بها الى القرن الآخر، ليستريح القرن الاول قرنا هو ثانية في عمر الثور العظيم والارض الثقيلة.!! هاهي الارض تترنح، تتمايل، تهتز، تتقيأ ما في احشائها قبل ان تستقر على القرن الموعود..وهاانا اسقط، ولامحالة لن تحظى يدي بفرصة اخرى لتمسح على رأسِ قطيعٍ بلاقرون.تبّا..!

السابق
خالتي الحنونة
التالي
تعتيم

اترك تعليقاً