مقالات

جَدَليّةٌ تاريخيّةٌ

مما لا شك فيه أن تلك الجدلية حول القصة القصيرة جدًا وتوجهها للطفل لم تكن وليدة الصدفة أو اللحظة الراهنة فهي قديمة، تدور رحاها حول كل جنس أدبيّ أراد روّاده التوجه لتلك الشريحة المهمشة.
وأنوه هنا أن الكاتب المبدع والموهوب والذي يمتلك أدواته قد يقف عاجزاً أمام الكتابة للطفل وذلك لما يتطلبه هذا النمط الأدبي من:
– الموهبة الاستثنائية.
– الإرادة.
– الحب لهذا النمط الأدبيّ.
– الاحتكاك بأن يكون من المتعاملين مع الأطفال من خلال الأسرة، ورش الكتابة، والندوات.
– القراءة في علم نفس الطفل والتربية.
– المعرفة بالمراحل العمرية المختلفة والخصائص الفنية لكل مرحلة.
– الاطلاع على أدب الطفل العالمي والعربي وعيون التراث العربي والشعبي.
فحينما طُلِبَ من “نجيب محفوظ” وذلك بعد حصوله على جائزة نوبل في الآداب الكتابة للطفل كان رده:
– (أعتبره نوعاً أدبياً يندرج تحت فكرة السهل الممتنع)، لذا امْتَنَعَ عن الكتابة به.
وكذلك الأديب العالمي “برنارد شو” الذي قال:
– (لم أعشْ طفولتي، فأنا غير قادر على تلبية احتياجات الأطفال في قصصي طالما لم أعشها سلفاً).
هنا سنجد أن هؤلاء العمالقة وغيرهم قد وضعوا أسباباً خاصة متعلقة بهم للإحجام عن كتابة هذا النمط الأدبي.
وفي المقابل كان روادٌ مثل أمير الشعراء “أحمد شوقي”، “يعقوب الشاروني”، “كامل كيلاني”، والأديب السوري “طارق البكري” ممن توجهوا للطفل بكتاباتهم في مجال الشعر والمسرح والقصة.
التطور التكنولوجي لوسائل الاتصال كانت له جوانب سلبية على الطفل ففي نفس الوقت التي تجذبه إلى الألعاب ومقاطع اليوتيوب وما لها من تأثير ضار على عينيه وعقله وعموده الفقري وعدم المراقبة على تحصيله وطبيعة المواد المعروضة فإنها أدت إلى ضعف الكتاب الورقي وخاصة بعالمنا العربي.
ومما تجدر الإشارة إليه أن المطبوعات الأدبية للطفل باليابان تفوق مثيلتها بالوطن العربي الكبير مجتمعاً آلاف المرات.
وكذلك فإن نتاج الولايات المتحدة الأمريكية في عام ١٩٨٣م تخطى مائة ألف كتاب في حين لم يتجاوز ذلك النتاج للعالم العربي أربعة إلاف.!
علماً بأن دولة كمصر وحدها يتخطى عدد الأطفال بها حاجز الأربعين مليون نسمة.!
الإصدارات الأدبية بالعالم الغربي قد تحركها الأرباح المادية وسط طفرة اقتصادية ومعيشية لمواطنيها وتطور وسائل الطباعة بها وازدياد شدة المنافسة وهذا لا يتعارض مع ما تقدمه من فائدة جمَّة كقيمةٍ فكريةٍ وفائدةٍ تربوية، ومتعةٍ فنية تجذب الاطفال لتلك الكتب عن طريق حسن إخراجها وطباعتها، وتنوع مادتها، ومواكبتها السريعة للمتغيرات، وتحقيقها للرؤية المستقبلية فكرياً وثقافياً.

السابق
عُقد اللؤلؤ
التالي
توبة

اترك تعليقاً