القصة القصيرة جدا

عشرة على عشرة

عندما تنظر إلى درجاتي( عشرة على عشرة) فأحسُّ بغيرتها؛ أسرعُ لاحتضانها وتقبيلها، وعرض مساعداتي الدائمة لتدريسها وتشجيعها. هذه هي صديقتي منذُ الطفولة في المدرسة وفي شارع حيّنا. أحبها وتحبني فنتقاسم حتى اللقمة بين فمينا لنتساوى في الجوع والشبع.
_اتركي هذه الكسولة، فقد تنزلين لمستواها فالكسل عدوى ياصديقتي.
(كثيراً ما أسمع هذا من زميلاتنا ولكني أُحكِمُ جيداً وضع قطنة ناشفة داخل أذنيّ).
مرّت السنون فدخلت الطبّ، وافترقنا للضرورة.
مررتُ يوماً بقصرٍ منيف تمنيتُ دخوله، قال أهلُ الحيّ أنها تزوجت صاحبه؛ ولكنّي لم أدق بابه لشيءٍ داخل نفسي لا أفهمه.
دُقَّ بابُ بيتنا المتواضع فناداني زوجي بأن امرأة بالباب تريد مقابلتي.
اندهشتُ حينما رمتْ في وجههي أوراقاً وشهادات كثيرة، كلها(عشرة على عشرة).. فاحتضنتها وأنا أبكي.
_أنا الآن راقصة باليه مشهورة، ولكِ أن تريني.. هل لي بالدخول؟
_طبعاً..طبعاً حبيبتي، البيت بيتك.
رقَصَتْ في الصالون ألواناً شتى فأبهرتني. احتضنتها ثانيةً. مازلتُ أحضنها، فالحب قابعٌ في صندوق ذكرياتٍ لا تُنسى.
_أنتِ معزومة غداً مساءً.. الحفلُ راقٍ وستحضره شخصيات مرموقة، فإياك إياكْ أن تنسي.
_مؤكد عزيزتي، وكيف لي أن أنسى! أنا سأكون أول الحاضرين. هل يأتي معي زوجي الدكتور ماجد؟
_أكيد. وبالمناسبة حتى يتعرف على زوجي.
نزلتُ معها درج الشقة لأمتع عينيّ بجمال سيارتها الفارهة وهي تقودها، قالت لي:باااي.. إلى اللقاء، تمتمت: مع السلامة صديقة الطفولة.
أول مرة في حياتي أدخل حفلة في قاعة. أنا وزوجي هادئآن مبهوران شاخصةٌ أنظارنا نحو خشبة المسرح.
رقصت هي وزوجها… رَقَصَا… فرَقَصَا…
وأعيننا تروح يمنة ويسرة، شمالاً وهما يطيران، نزولاً إلى الخشبة وهما يتزحلقان.
صفق الحاضرون كثيراً… وكثيراً…
وأنا وهو نصفق ونصفق.. ونصفق بحرارةٍ واستمرار، وحتى بعد سكوت الجمع وهدوءه.
صرتُ أصرخُ بأعلى صوتي: برااافووو… عشرة على عشرة…عش عش عشرة… على على عش عشرة…

السابق
تخمين
التالي
تداعي

اترك تعليقاً