الرأي

كورونا وخزعبلات التأويل العربي

مع ظهور فيروس كورونا مطلع العام الجاري وزيادة رقعة انتشاره ليغزو القارات السبع والكثير من الحواضر والقرى على امتداد المعمورة, ضاعفت مراكز الابحاث العلمية في دول العالم المتقدم جهودها لاكتشاف العلاج الناجع لهذه الجائحة العابرة للقارات.
وفي ظل الصمت المطبق لمراكز البحث العلمي والنخب المثقفة في العالم العربي نتيجة لشحة الموارد المتاحة وسياسة التجهيل المهيمنة على معظم الاقطار العربية، ولمعرفتهم بان معالجة هذا الفيروس تتطلب امكانيات وجهود هائلة لا تتوفر حاليا بتلك الاقطار، برزت على الساحة بعض الاقلام والاصوات التي تدعو الناس لاتباع العطارين ووصفات الطب الشعبي دون تقنين علمي وهذا يظهر حجم التخلف الحضاري والمعرفي لدى شريحة واسعة في الشعوب العربية. وللأسف لم يستنكر تلك الدعاوى الغريبة باعتبارها لا تسيئ فقط للعالم العربي بل ايضا قد تتسبب في اضرار صحية عند الاسراف في تناول الوصفات الطبيعية.

ومن ناحية اخرى، روجت وسائل التواصل الاجتماعي لمنشورات تتوعد المشركين بهذا الوباء باعتباره عقاب إلهي لغير المسلمين وتناسوا او تغافلوا ان الكثير من الدول الاسلامية تعاني كغيرها بل حالها اسوأ نتيجة ضعف القطاع الصحي فيها واستحضروا آيات القرآن الكريم بطريقة خاطئة بتأويل شخصي وتناسوا كذلك الجاليات الاسلامية في الدول الغربية التي تعاني من هذا الوباء وتناسوا بان الفيروسات استوطنت الارض قبل الانسان !ولطالما عانت الشعوب من هذه الاوبئة على مر التاريخ حتى في عهد الصحابة والتابعين ولطالما تعاملوا معها بأسلوب علمي مستمدة من تعاليم ديننا الحنيف.

واخيرا، أتسأل لماذا لم نقرأ مقالا واحدا يتساءل عن لماذا تغيبنا عن ركب الحضارة الانسانية وأصبح شغلنا الشاغل هو هداية الكفار !!وايجاد عقار لكل جائحة من القران والسنة!! وتناسينا ان الله في محكم آياته امرنا بالعلم والتفكر واستغلال الموارد والاهتمام بالبحث العلمي اما هداية الامم الاخرى فهي نتيجة حتمية عند ارتقاء الدول الاسلامية إلى مصاف الدول المتقدمة واهتمام الفرد بسلوكه وتنمية معارفه وتقديم نموذج يحتذى به في العلم والمعاملة مع غيره. ولنا في التاريخ الانساني عظة وعبرة فلم تفتح بلاد السند والاندلس الا عندما كنا سباقين بالعلم والمعرفة.

وختاما لابد من التذكير بآن رسالة الأديان السماوية هي تعمير الأرض والارتقاء بالإنسان على كافة الأصعدة وهذا لن يتأتى الا من خلال بناء الانسان المسلم معتزا بهويته الإسلامية منطلقا للتحصيل المعرفي يتعايش مع غيره في إطار انساني ومساهما في تشييد مداميك الحضارة الإنسانية عندئذ ستكون الدول الإسلامية في طليعة الأمم وستبني للمجد صرحا لايرام وامة لا تضام .

السابق
أمسية
التالي
مطاردة

اترك تعليقاً