القصة القصيرة جدا

لا يَراهُ أحَدٌ

هُوَ رجلٌ طيِّبٌ ، مُلتزمٌ ،
يٓعملُ في حانوتِهِ ببيع ِالمَصاغ ِ.
دخلَ إلى محلِّه ِشيخٌ ، بلحية ِطويلة ٍ، وثياب ٍبيضاءَ ناصعة ٍ، سلَّمَ وَجلسَ في أقرب ِمقعد ٍ،
أخرجَ منْ جيبِهِ خاتَماً ، سلَّمهُ للبائع ِليُصلحَ كسراً بِهِ .
فتحَ بابَ المحلِّ رجلٌ في عجلة ٍمن أمرِهِ ، بيدِهِ إسورة ٌيطلبُ لحامَ كسرها ، رجاهُ صاحبُ المحلِّ أنْ
ينتظرَ ريثما ينتهي من ْ إصلاح ِخاتَم ِللشَّيخ ِالطَّيِّب ِالجالس ِ، نظرَ صاحبُ الإسورة ِ حولهُ ، وأجابَ بأنَّهُ
لايرى أحداً ، وعندما أصرَّ البائعُ ، خرجَ صاحبنا يتمتمُ ، ولسانُ حالِهِ يصفُ صاحبَ المحلِّ بالجنونِ .
دقائقُ مرَّتْ ، ودخلَ شابّ ٌألقى التحية َ، واعتذرَ لوقوفِهِ بسيّارتِهِ بالممنوع ِ، طالباً إصلاحَ سلسال ٍذهبيٍّ بيدِهِ ،
استمهلهُ صاحبُ المحلِّ دقيقةً لينهى إصلاحَ خاتَم ِالشيخ ِعن يمينِهِ ، نظرَ الشّابُّ حٓوْلٓهُ قائلاً : أينَ هذا الشيخ ؟
أنا لا أرى أحداً ، وخرجَ مُسرعاً يُحوقلُ بصوت ٍعال ٍ .
نظرَ البائعُ الطَّيِّبُ إلى الشيخ ِمُستغرباً ! فطمأنهُ الشيخُ : إنَّكَ على حقٍّ ، فأنا لن يراني أحدٌ غيركَ ،
أنا لستُ آدميّاً ، أنا ملكٌ جئتُكَ منَ السَّماء ِ، منَ الجنَّة ِ، أحملُ لكَ من بيتِكَ هناكَ هذا المنديلَ، ..
وأخرجَ من جيبه ِمنديلاً ملأ المحلَّ بروائحِهِ الطيِّبة ِ. ناولهُ لصاحبِ المحلِّ الّذي أخذتهُ المُفاجأة ُ،
ووضعَ المنديلَ على أنفه ِيشتمُّ فيه ِروائحَ بيتِهِ في الجنَّة ِ…
دقائقُ وكانَ الثَّلاثة ُقد نقلوا كُلَّ ما في المحلِّ إلى سيارَتِهِمْ.

السابق
باريــس
التالي
الليل

اترك تعليقاً