القصة القصيرة جدا

مذكرات ملاكم عربي

قبل المباراة بساعة كنت أتجول في شوارع روما..وصلت منذ يومين مع منتخب الوطن لخوض منافسة رياضية وكوني اكسب قوتي من مباريات الملاكمة أحضروني معهم كلاعب إحتياطي بينما اللاعبين الأساسيين ليسوا ملاكمين ولم يلكموا أحد يوما هم أصحاب واسطة وأبناء مسؤولين حضروا للشهرة والتسلية.ودفع بي المدرب السيء لخوض المباراة كون اللاعبين جميعهم أعلنوا انسحابهم.. كنت أفكر بزوجتي وابني الرضيع في الوطن وإفلاسي مع اقتراب الشتاء. الصالة مزدحمة جدا.. خصمي بطل غربي.كل الجمهور يشجعه ولا أحد قربي كل من حضر معي من الوطن في حالة تسوق. قبل دقائق أغلقت النوافذ المطلة على الصالة كي استرخي قليلا. حينها دفع الباب المدرب وقال :ستهزم انت تمثل وطنا بأسره لو تنسحب بكرامة.. أمسكت به ودفعت به خارجا دمدم مهددا وانصرف. حين صاح المذيع على خصمي بالمايكرفون هاجت القاعة بالتصفيق.ثم صاح باسمي بخجل..هنا لا أحد يعرفني. كان خصمي وسيما مفتول العضلات تشجعه كل النساء. لم يشجعني انا أحد.سوى البعض أبتسم لي كمن يودع من يذهب للمقصلة ..أعلن الحكم بداية الجولة..كان خصما قويا كثور وكنت أفكر بأنتزاع ثقته بنفسه. لكماته قويه اتفاداها ماأستطعت.فجأة تلقيت لكمة جعلت القاعة كلها تدور لم أسمع سوى الصياح وصوت الحكم يعرض علي الإنسحاب وهو يعد. خطرت لي زوجتي وهي تصلي الصبح وعريشة منزلنا الجبلي. وتابعت قليلا وانتهت الجولة. كان المدرب يتصنع الخبرة ويقول لي سيرديك ميتا. نعته بشتيمة وتابعت.. في بداية الجولة الثانية وحين صار بمرمى يدي اليمنى سددت بقوة ساد صمت مخيف في القاعة. واهتز هو تماما..بدأ الجمهور يميل لي اعرف بخبرتي ان الجمهور يشجع الأقوى كي لايصاب بخيبة أمل. جن جنونه وهذا ماكنت أنتظره.انتهت الجولة الثانية. في الجولة الثالثة صعق الجميع فقد كنت بارعا وسقط مرتين وكل الجمهور صار ملكي. وأنا اتجهز للجولة الرابعة أعلن مدربه إنسحابه بسبب نزيف بجفنه.. وأعلن الحكم فوزي كان المدرب القذر يقفز كقرد ويجيب عني للصحافة. تلقيت الكثير من الهدايا أخفاها المدرب واعضاء الفريق المخنثين. وعرض علي أحدهم عقدا مغريا في بلد عربي رفض المدرب ورد عليه إنه ثروتنا الوطنية عند العودة للوطن قال لي المدرب:عليك أن تهدي نصرك أمام المستقبلين لرمز الأمة. كنت حينها أفكر بزوجتي وأبتسم طالما قالت لي :لو تجد عملا تكسب منه قوتنا غير تسديد اللكمات لوجوه الناس.. كان استقبالي مهرجانا وطنيا شكروا فيه المدرب وإدارة النادي ورمز الأمة. في اليوم التالي دعوني لحفلة شاي وأهدوني باقة زهر.لم أستطع تمييز ألوانها بسبب الكدمات التي تغطي وجهي..ولم أقبض سوى مبلغ رمزي.. إقترب الشتاء وداهمني الأفلاس قررت السفر إلى بلد آخر كان قد طرح علي مبلغا مغريا لألعب بصفه. فوجئت في مبنى الجوازات بمنعي من السفر همس الموظف لي “انت ثروة وطنية”إتصلت بعدها بأحد أثرياء الوطن ﻷعمل عنده كحارس لمزرعته. إصطحبت زوجتي واغلقنا منزلنا الجبلي وسرنا أنا وهي.. كنت أحمل طفلي على رقبتي انعكس ظلي طويلا على الأسفلت قبل الغروب سمعت زوجتي ورائي تضحك وتقول :لاتسرع يالك من ثروة وطنية تتمايل ك برميل نفط..

السابق
كلاب
التالي
ارتواء

اترك تعليقاً