القصة القصيرة

مرشح

مع صيحات وتصفيق الجماهير المؤيدة، وقف شامخا من كرسيه في الصف الامامي، محاطا بمرافقيه، يلوح لمحبيه برفع يديه، ومنحهم قبلات هوائية، كانت تتساقط هنا وهناك، لتوزع عليهم الحب بالتساوي، رحب به عريف الحفل الانتخابي وقدمه الى الجمهور، قائلا:
-رحبوا معي بمرشح المعدومين والفقراء، مرشح المحرومين والضعفاء، عالي الهمة ورافع عنا الغمة، سليل الاكابر المقدام المثابر، الفارس المقدام والبطل الهمام، فاليتفضل ليعلو صهوة المنصة ويلقي خطابه الانتخابي..
موجة حادة من التصفيق علت المكان، صعد درجات المنصة، بهدوء ورأس شامخة و هو يمسك بربطة عنقه، التي امالها الريح، ويمسك بورقة خطابه باليد الاخرى وضعها بكل هدوء على المنصة، قبل ان يبدأ خطابه، وضع نظارة القراءة وبأبتسامة عريضة بانت منها نواذجه،خاطب الجماهير قائلاً:
ايها الشعب العظيم، ايها الشعب المكافح، يامن صبرتم على الشقاء، يامن استطعتم مع كل ما حصل الصمود والبقاء، احييكم اعظم تحية وارفع القبعة لشجاعتكم الفائقة في الصبر على قرارات الحكومة السابقة وحزب الحصاد المتطرف الفاشل الذي اساء للمواطنين جميعا.
ان قانون الغاب الذي يسود، عالمنا وسيطرة القوة المفرطة، وقتل المواطنين بدون سبب لا لشيء سوى ان الحاكم متعطش للدماء، والذي تمنحه سلطة المملكة صلاحيات واسعة لهذا القتل والدمار.
صمت قليلا… تحدث مواطنان من الحضور
– صحيح انه لايصلح فهو ضعيف، كيف سيحمينا من سطوة الملك؟
سمع حوارهما فقد كان شديد السمع وقال لهما:
– انتما هناك.
وقفا خائفين:-نعم ياسيدي.
لقد سمعت حواركما، لاتخافا فنحن ديمقراطيين لحد النخاع، نعم ان خططي بهذا الجانب تعتمد على تكاتفنا وان نقف جميعا بوجه الطغات، والقول الفصل لصندوق الانتخابات.
صفق الحضور جميعا وهللوا فرحين هاتفين:
-نعم لصندوق الانتخابات ولا لكل الطغات، نعم لصندوق الانتخابات ولا لكل الطغات.
عاود خطابه بعد ان انتهت موجة الهتافات:
سنبني وطننا المسلوب من حزب النظام ونعطي لكل ذي حق حقه، سنشيد بيوت مجانية، سنملك كل المؤجرين لن يكون هنالك مؤجر واحد في وطني، صمت قليلا ونظر الى الجمهور الفرح وسمع همس قريب:
-انه كاذب انا أجْرتُ منه بيتاً، ولم يسامحني بدينار واحد، واذا تأخرنا عن التسديد يهدد برمي اغراضنا في الشارع.
سمعه ايضا بكل وضوح لكنه لم يعطِ للموضوع اهمية تذكر و رمق القائل بنظرة افترست ملامح وجهه،
اكمل خطابه:
اعول عليكم ياجمهوري الحبيب فأنتم بيدكم الخيار، سنحصر السلاح بيد الدولة ونقضي على المليشيات فهو حلنا الوحيد، للمضي بقيام دولة المؤسسات التي تحفظ لكل ذي حق حقه.
من بعيد قهقه اثنان من الجماهير كانا يبدوان انهما كبيران في السن، فقال احدهما ضاحكا وهؤلاء الذين في حمايته اليسوا من مليشيات النمر الابيض، اجابه الثاني متهكما:
انهما مليشيات النمرالوردي، مع ضحكة عالية.
سمع كلامهما ايضا بأذانه حادة السمع.
حاول ان يستعيد ثقة جماهيره، سنبني لكم نظاما صحيا، يحلم به ابناء البلدان المجاورة، ونظام تعليمي متطور، ونبني مدارس على الطراز الحديث في البناء والتصميم.
قاطعه احدهم:-الم تكن وزير تربية في الوزارة السابقة، ماذا فعلت لمدارس الطين، وفرت لهم كرفانات فقط، وبدل ان يكون عشرون طالبا في الصف اصبحوا ستون، وهز يديه مستهزءا :
(بناء من الطراز الحديث) الى متى تضحكون على هذه اللحى.
اسكته المتملقين وصفقوا للزعيم المستقبلي،
واصل المرشح حديثه:
– لا احد يخرج منكم فلدينا توزيع هدايا ووجبات طعام ستوزع على الجميع.
قبل نزوله المنصة همس الحمار المرشح الى قائد حرسه فرس النهر:
– كل من سمعتهم تكلموا سواء في السر والعلن من الحيوانات اقبض عليهم ومنهم الارنب والثوران العجوزان اللذان استهزءا بي وذلك الحصان الذي صهل في وجهي، وارسلهم الى ملك الغابة اكيد انه سوف يفرح بهذه الهدايا وقد يساعدنا بالظفر بالحكومة في الانتخابات القادمة.
القي القبض على المتحدثين باسرع وقت،لم يكن الأمر يهم الباقين مادام المرشح قد وزع الاموال واغدق على الحاضرين، واُشتريت اصواتهم بأبخس الاثمان، دراهم معدودات.
فاز الحمار وترأس الحكومة وعين كل حمير العائلة في الدولة واعطاهم الرواتب والامتيازات وظلت الحيوانات بين فكي سطوة الملك وغباء الحمير، بفعل طمعهم الذي يقودهم لنفس النتيجة المؤلمة، وفي كل مرة تنتخب الحيوانات نفس الحمار بنفس الطريقة.

السابق
حظر
التالي
تلاشي

اترك تعليقاً