قراءات

قراءة في نص “لقد مات الحفار”

القصة للكاتب صالح هشام

نص القصة على مجلة لملمة من هناا

القراءة

كثيرة هي الأشياء التي تتعايش معنا ولا نوليها الأهمية التي تستحقها من تناول إبداعي ، وأن تحتل مكانة في اختيارات المبدع من حيث هي موضوع بحث لا يقل متعة وإثارة هذه المرة يضعنا الكاتب صالح هشام في مواجهة الحفار:
الحفار بما له من ثقل دلالي يخبرنا بنهاية الحفار ،وأية نهاية لما تثيره فينا من انقلاب للمشهد ، إذ كيف لمن مارس النبش والحفر والردم لزمن طويل أن يكون هو نفسه من ستمارس عليه نفس الأساليب!
تتراكض الاحتمالات وتتعمق الدهشة ، ونحن نتلقى الخبر . يدخل مبدعنا في مطاردة الإشارات والدلالات العاكسة للحظة تقبل الخبر
ليجف الريق ،ويتلاشى البريق ، ويضعنا في مواجهة أخطر الأسئلة وأقربها إلى الذهن
كيف مات الحفار ؟
وهو الذي خلناه لا يصلح للموت وقد نتمادى في المبالغة وتقدير الأسماء والصفات ،السؤال الاستفزاري يسرع من نبضك ومن نسق السياق والبناء النصي لندخل ومبدعنا في لعبة تساقط الفرضيات :
أهو وهم أم هم تحمله بين ضلوعك ؟
لا يقف عند دهشة النفس، وبريق العين المختفي لينزل بنا الكاتب صلاح هشام درجات السلم درجة ، لنتحسس وإياه الأطراف نأخذ نفسا لمواجهة الهلع ونحن في حالة نزول وصعود لا ينتهي لا خلاص منه إلا بالفرار من كابوس الحقائق ومحاولة التنصل من صرخات الذاكرة !
لا حل إلا بتغيير أرشيفها هو وحده الضامن للاستمرار في مواجهة مطاردات وإلحاحات السؤال.
تتسارع الاستدراجات كاساليب وتقنيات يتبعها مبدعنا لممارسة سلطة الحكي ، وشد انتباه المتلقي.
الإجابة تأتيك في ضوء القمر، قد تعتقد إلى حين كونها الحقيقة والحقيقة قد تتحول بدورها إلى وهم حينما نبالغ في الوثوق بها تحاصرك الحمى والهذيان المحموم، يضعك في مواجهة الأنت تواجه خطر الاعترافات ،أنت أمام شمس العالم: شمس داخلك وكأن الشمس التي نلمحها ليست إلا ظاهرة فيزيائية لا غير والشمس الحقيقية هي تلك التي تستوطن أعماقنا،هي حالة المكاشفة والمصالحة والعري التام ونحن نقف أمام المرآة بلا تزييفات ولا أدنى رتوش كما نحن، حيث تغيب الألوان والمساحيق أن تتوقف عن أي محاولة تجمل
لا زرقة بحر لا أرض لا سماء لا هدير أمواج لا صخب لا ضجيج .
أنت فقط من أجل مهمة وحيدة في مواجهة لسؤال يطاردك كظلك:
من قتل الحفار ؟
فمن سيدفن موتانا إذا مات الحفار ؟
هل نحن أمام موت جماعي محقق؟هل نحن أمام انتحار كوني كدعوة شوبنهاور في مثل هذا التورط الجماعي!!!! ؟؟؟
أنت وحدك من ستنفذ مهمة الحفر ومن ستلقي بنفسك إذ لا خيارات أمامك تتهاوى كل احتمالات التراجع عن لعب نفس دور الحفار ففي غيابه كلنا حفارون إذ يستنجد مبدعنا بخليل حاوي:
عمق الحفرة يا حفار!
عمقها لقاع القرار!
يتوسل الكاتب صالح هشام بكل شئ من أجل اختلاق نص يعج بالرموز وبالإحالات والاستعارات والاقتباسات.نص وجودي ليتعداه إلى ما هو معاش ولحظي في زمن تناسلت فيه الرداءة وغزت واكتسحت رياح الدمار كل شيء
البحث عن الخلاص أمام فرضية موت الحفار محاولة فاشلة بالأساس.
قد تحشر مع أطفال السياب تسعى جاهدا للخروج من أنقاض السؤال الذي انهال عليك فجأة وكدس من فوقك ركاما كثيرا غطتك الأتربة وحجبت عنك ضوء آلشمس،عليك أن تستحضر نشيد المطر نشيد الأطفال الأبدي
تتواتر الأسئلة وكل سؤال يفضي بك إلى إجابات لا تقل خطورة!
نص متاهة لا يقرأ إلا بانفعال وتوتر كبيرين!

السابق
لقد مات الحفار
التالي
شَفْرَة

اترك تعليقاً