القصة القصيرة جدا

الميم والقلم

كان في قبره مستلقيا على جنبه يجتر الماضي..أمامه كيس للنفايات..و في يده قلم و بضع ورقات..و أنا أنظر إليه..و هو سارح ببصره و كأنه يرعى قطيعا من الآتي!!، انتظرته يخرج من صمته و إيماءاته، إلا أنه تمادى كالقط يرقص برأسه و عينيه..و لما يئست..استسلمت..فوقفت أنوي الرحيل..حينها كف عن الاجترار، فرأيته يأخذ شيئا من فمه.. و يلقيه بعنف في قرارة الكيس،ثم اجتر فابتلع شيئااستساغه حلقه.. ومن الفضول اشرأب رأسي ينظر ما في الكيس..كان فارغا..!!
فقلت في نفسي: ربما أصابه شيئ من المس.. فسألته أختبر حدسي:
– ماذا كنت تلقي في الكيس؟
فرد: ألقيت الماضي الذي يعذبني..
-وماذا ابتلعت؟
-قال: الماضي الذي يؤنسني..
ازداد فضولي فسألته:
– و لماذا القلم؟
قال: أهش به على أحلامي ، حتى لا تزيغ فتغدو ماض يؤرقني..
و قبل أن أطمئن إلى حدسي، ضحك كالمجنون فقال:
– في هذا السجن اللعين..لا شيئ يقيني حدة الألم، غير الميم و القلم!!.

السابق
وعود
التالي
غيرة

اترك تعليقاً